الموت فى الانتظار
يوم آخر يمر و أنا مكبلة بالحزن إلى سرير .. لا أرغب فى الحراك ... ذهنى مشوش بالكثير من الذكريات القاتمة قتامة تلك السحب الرمادية المحملة بنذر عاصفة هوجاء ليتها تقتلع كل شىء فلا يبقى إحساس بالألم بعدها ... هكذا تمتمت لنفسى و أنا أشعر بتوحد مع كآبة السحب و تراكم الغيوم فى الأفق ... وبالجو الكئيب الذى يضفيه غياب الشمس عن السماء .. أو لعلها أفكارى هى التى صبغت المشهد بالكآبة تململت فى السرير وبداخلى وخز يدفعنى للحركة و يذكرنى بمهامى اليومية وأنى تأخرت .. فأصوب نظرى نحو النافذة مرة أخرى وأراقب أشعة الضوء الباهت المتسللة عبرها .. تذكرنى بأن اليوم تنفس عن ساعاته الاولى وأنه لا فائدة من الهروب ... " تحركى " هكذا جاء الأمر من عقلى فمددت يدى لأرفع الغطاء عنى وأعتدل فى جلستى فوق السرير وأستدير لاواجه مصيرى وأصب الماء فى الكوب المرافق للمنضدة المجاورة وعليها أدويتى ... أتناولها فى صمت ... وتكاسل ... بشكل روتنيى كما أفعل كل يوم وبلا مشاعر غير تكاسلى هذا اليوم عن الحياة. كدت أوقع الكوب الرابض بجوارى على المنضدة عندما اهتزت يدى خوفا وأنا أرفعه حين شعرت بهواء بارد يجتاح خلاياى و خوف أفقدنى السيطرة على يدى فأفلت حبة الدواء الأخيرة من أول شريط علي أن أبتلعه فى الصباح وأنا استدير ببطء لأعرف مصدر خوفى والهواء الذى انطلق يلفنى على الرغم من انى لم أفتح النافذة بعد ولا حتى باب الغرفة ... فعادة لا أفتحه حتى أرتدى ملابسى وابتسامتى لأواجة يوما آخر ... وهناك كان منتظرا .. مستندا على الباب ينظر إلى فى هدوء مبتسما - لا أتذكر انى رأيته مبتسما من قبل- مهلا هل أعرفه؟؟!! اتسعت ابتسامتة عندما حدثنى عقلى بهذه الجملة و كأنه قرأ ما يجول بخاطرى ... وكأن الكلمات لم يعد وجود لها فى اللغة ... استفاقت ذاكرتى على العديد من الصور لأحداث مرت بى يوم ولدت وأنا افتح عينى لأول مرة على الدنيا ... ومع أول أنفاسى الجزعة من العالم المحيط بى كان هناك ... ويوم سقطت من فوق الدرج و كسرت ساقى كان هناك ... وأيام فاجأتنى آلام المخاض وأنا أنجب أبنائى كان هناك ... نعم كان دائما هناك و كنت اعتدت على وجوده فى حياتى حتى نسيته لكنى لم أره مبتسما الا اليوم .
فاطمة الزهراء محمد
٦ يناير ٢٠١٥
No comments:
Post a Comment